| |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
| تاريخ كتابة المُساهمة الأربعاء يناير 26, 2011 9:36 am | |
| عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَـدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران :102 ]، ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ( [النساء:1]،) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ r، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ الْمَوْتَ هُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي لاَ مَفَرَّ مِنْهَا، وَهُوَ الْيَقِينُ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ، وَهُوَ النِّهَايَةُ لِكُلِّ حَيٍّ، قَالَ تَعَالَى: )كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ( [الرحمن:26-27]، وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَنَا وَيَخْتَبِرَنَا أَيُّنَا أَحْسَنُ عَمَلاً، وَأَفْضَلُ طَاعَةً وَعِبَادَةً وَامْتِثَالاً لأَمْرِهِ، وَتَمَسُّكاً بِشَرِيعَتِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ( [الملك:2].
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيـزِ رَحِمَهُ اللهُ: «إِذَا غَفَــلَ قَلْـبٌ عَنْ ذِكْـرِ الْمَـوْتِ سَاعَـةً فَسَـــدَ».
وَكَانَ الْحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ: «مَنْ لَمْ يَرْدَعْهُ الْقُرْآنُ وَالْمَوْتُ، ثُمَّ تَنَاطَحَتِ الْجِبَالُ بَيْنَ يَدَيْهِ، لَمْ يَرْتَدِعْ».
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ r بِمَنْكِبِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ»، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتَكِ».
وَقَالَ أَحَدُ الشُّعَرَاءِ:
وَلَوْ أَنَّا إِذَا مِتْنَـا تُرِكْنَـا لَكَانَ الْمَـْوتُ رَاحَةَ كُـلِّ حَـــيِّ
وَلَكِنَّــا إِذَا مِتْنَا بُعِثْنَـا وَنُسْأَلُ بَعْدَهُ عَـنْ كُلِّ شَيَّ
قَالَ تَعَالَى: )قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( [الجمعة:8].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ الْمَوْتَ قَدْ ذَاقَهُ الأَنْبِيَاءُ وَالْعُظَمَاءُ وَالْخُلَفَاءُ وَالأُمَرَاءُ، فَاسْتَمِعُوا إِلَى مَا قَالُوهُ فِي آخِرِ لَحَظَاتِ الْحَيَاةِ، وَهُمْ يَجُودُونَ بِأَنْفُسِهِمْ عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ، فَيَا لَهَا مِنْ عِبْرَةٍ! وَيَالَهَا مِنْ مَوْعِظَةٍ!، وَلَوْ بَقِيَ أَحَدٌ لَبَقِيَ النَّبِيُّ r؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى مُخَاطِباً نَبِيَّهُ r: )وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ( [الأنبياء:34-35].
وَتَرْوِي لَنَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ - عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حَالَ الرَّسُولِ r وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ فَتَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ r كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوةٌ أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِا وَجْهَهُ وَيَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِنَّ لِلْمَوتِ سَكَرَاتٍ»، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى» حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
وَعَنْهَا أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ t فَقَالَ: فِي كَـمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِيَّ r؟ قَالَتْ: قُلْتُ: فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ، وَقَالَ لَهَا: فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ r؟ قَالَتْ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ، قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: يَوْمُ الاثْنَيْنِ. قَالَ: أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ، فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا، قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلَقٌ، قَالَ: إِنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ؛ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَهْلَةِ (أَيْ: الصَّدِيدِ) [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
وَيَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ t حِينَ طُعِنَ فَقُلْتُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَسْلَمْتَ حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَجَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ r حِينَ خَذَلَهُ النَّاسُ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ r وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي خِلاَفَتِكَ اثْنَانِ، وَقُتِلْتَ شَهِيداً. فَقَالَ عُمَرُ t: أَعِدْ عَلَيَّ، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَوْ أَنَّ لِي مَا فِي الأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ» [رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ].
وَلَمَّا حَضَرَتْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ t الْوَفَاةُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْخَالِدَةَ: «لَقَدْ شَهِدْتُ مِائَةَ زَحْفٍ أَوْ نَحْوَهَا وَمَا فِي بَدَنِي مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلاَّ وَبِهِ ضَرْبَةٌ أَوْ طَعْنَةٌ أَوْ رَمْيَةٌ، وَهَا أَنَا أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي كَمَا يَمُوتُ الْبَعِيرُ، فَلاَ نَامَتْ أَعْيُنُ الْجُبَنَاءِ، وَمَالِي مِنْ عَمَلٍ أَرْجَى مِنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَا مُتَتَرِّسٌ بِهَا».
وَهَكَذَا تَسْتَمِرُّ الْحَيَاةُ، وَتَمْضِي رِحْلَةُ الدُّنْيَا، وَيَمُوتُ الأَبْطَالُ، وَيَفْنَى النَّاسُ كَبِيرُهُمْ وَصَغِيرُهُمْ، عَظِيمُهُمْ وَفَقِيرُهُمْ، وَمَا جَعَلَ اللهُ الْخُلْدَ لأَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ لأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ الامْتِحَانِ وَالاخْتِبَارِ، وَالآخِرَةَ دَارُ الْخُلُودِ الَّذِي لاَ مَوْتَ بَعْدَهُ.
أَسأَلُ اللهَ لِي وَلَكُمْ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ، وَأَنْ نَلْقَى اللهَ وَهُوَ رَاضٍ عَنَّا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانيــة
الْحَمْدُ للهِ الْوَاحِدِ الْمَنَّانِ، خَلَقَ الإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً تُبَلِّغُ صَاحِبَهَا دَرَجَاتِ الْجِنَانِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَى الثَّقَلَيْنِ مِنْ إِنْسٍ وَجَانٍّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تَقْوَاهُ، وَاسْتَعِدُّوا لِيَوْمِ لُقْيَاهُ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( [الحشر:18].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ هَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الَّتِي لاَ تُسَاوِي عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، لَوْ كَانَ فِي الْبَقَاءِ فِيهَا خَيْرٌ لأَحَدٍ لَخَلَّدَ اللهُ تَعَالَى أَنْبِيَاءَهُ وَأَصْفِيَاءَهُ، وَلَكِنَّهَا لاَ تَسْتَحِقُّ الْخُلُودَ، وَلَيْسَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ دَارَ كَرَامَةٍ وَسَكَنٍ.
وَالْمُؤْمِنُ لاَ يَخَافُ الْمَوْتَ لأَنَّهُ مُسْتَعِدٌّ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ، فَهَذَا بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ t وَأَرْضَاهُ، حِينَمَا أَتَاهُ الْمَوْتُ، قَالَتْ زَوْجَتُهُ: وَاحُزْنَاهْ، فَكَشَفَ الْغِطَاءَ عَنْ وَجْهِهِ وَهُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَقَالَ: «لاَ تَقُولِي: وَاحُزْنَاهْ، وَقُولِي: وَافَرَحَاهْ، ثُمَّ قَالَ: غَداً نَلْقَى الأَحِبَّةَ.. مُحَمَّداً وَحِزْبَهُ».
وَهَذَا الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ t عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَجَاءَتْ سَاعَةُ الاِحْتِضَارِ نَادَى رَبَّهُ قَائِلاً: «يَا رَبِّ إِنَّنِي كُنْتُ أَخَافُكَ، وَأَنَا الْيَوْمَ أَرْجُوكَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّنِي مَا كُنْتُ أُحِبُّ الدُّنْيَا لِجَرْيِ الأَنْهَارِ، وَلاَ لِغَرْسِ الأَشْجَارِ، وَإِنَّمَا لِظَمَأِ الْهَوَاجِرِ، وَمُكَابَدَةِ السَّاعَاتِ، وَمُزَاحَمَةِ الْعُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ عِنْدَ حِلَقِ الْعِلْمِ»؛ ثُمَّ فَاضَتْ رُوحُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
وَهَذَا الْعَالِمُ الْعَابِدُ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الشَّهِيرُ بِعَابِدِ الْحَرَمَيْنِ، لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، وَقَالَ: «وَابُعْدَ سَفْرَاهْ... وَاقِلَّةُ زَادَاهْ!».
وَهَكَذَا تُطْوَى صَفْحَةٌ مُشْرِقَةٌ مِنْ صَفَحَاتِ الْعُلَمَاءِ.
وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَصِمُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، فَقَدْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: «لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ عُمُرِي قَصِيرٌ هَكَذَا مَا فَعَلْتُ!». كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَرَجُلٌ مِنْ صُنَّاعِ التَّارِيخِ يَمُوتُ كَمَا يَمُوتُ النَّاسُ وَيَرْحَلُ عَنِ الدُّنْيَا بِلاَ عَوْدَةٍ.
إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ:
لَقَدْ حَثَّنَا رَبُّنَا جَلَّ وَعَلاَ أَعْظَمَ الْحَثِّ، وَدَعَانَا إِلَى اغْتِنَامِ الْفُرَصِ فِي زَمَنِ الْمُهْلَةِ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي ذَلِكَ تَمَنَّاهُ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، قَالَ تَعَالَى: )حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ( [المؤمنون:99-100].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ الْحَيَاةَ فُرْصَةٌ ثَمِينَةٌ وَغَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ لِمَنْ يَسْتَثْمِرُهَا فِي طَاعَةِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ فَإِنَّ الْحَيَاةَ لاَ قِيمَةَ لَهَا بِلاَ هَدَفٍ وَلاَ رِسَالَةٍ، فَإِذَا تَيَقَّنَ الإِنْسَانُ أَنَّ نِهَايَةَ حَيَاتِهِ الْمَوْتُ فَلْيَكُنْ لِحَيَاتِهِ قِيمَةٌ وَلِعَيْشِهِ أَثَرٌ، فَمَا هُوَ الأَثَرُ الْجَمِيلُ وَالْعَمَلُ الْمُبَارَكُ الَّذِي سَوْفَ نُبْقِيهِ لِلنَّاسِ يَسْتَفِيدُونَ مِنْهُ وَيَصِلُنَا ثَوَابُهُ وَأَجْرُهُ فِي حَيَاتِنَا وَبَعْدَ مَمَاتِنَا؟؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
قَالَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ -رَحِمَهُ اللهُ-: كَتَبَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِلَى أَبِي كِتَاباً أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللهِ وَقَالَ: «إِنَّ بَقَاءَ الْمُسْلِمِ كُلَّ يَوْمٍ غَنِيمَةٌ»؛ فَاغْتَنِمُوا -عِبَادَ اللهِ- أَوْقَاتَكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَاعْمُرُوهَا بِالذِّكْرِ وَالعِبَادَةِ؛ فَإِنَّ الأَوْقَاتَ خَزَائِنُ مُسْتَوْدَعَةٌ، تَنْفَعُكُمْ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ، وَيَنْكَشِفُ الْغِطَاءُ، وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ.
وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ، وَجَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْفَائِزِينَ، وَأَحْسَنَ لَنَا وَلَكُمُ الْخَاتِمَةَ؛ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ وَالْمِحَنَ، وَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ وَالرَّحْمَةَ عَلَى قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَحِّدْ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ، وَادْفَعِ الشَّرَّ عَنْهُمْ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ تَوْبَتَنَا, وَاغْسِلْ حَوْبَتَنَا, وَأَجِبْ دَعْوَتَنَا, وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا, وَاجَعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجَعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْمُوَحِّدِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَ البِلاَدِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
|
|
| |
| |
| |
| |
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة الخميس فبراير 10, 2011 2:54 pm | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
شرفنى مروركم
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة السبت مارس 12, 2011 12:07 am | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
تسلم ايديك ابواصاله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة السبت مارس 12, 2011 1:04 pm | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
شرفنى مرورك اخى ابو الجمل
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة السبت مارس 12, 2011 1:06 pm | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
شرفنى مرورك اخى ابو الجمل
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة السبت مارس 19, 2011 5:25 am | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
سلمت يداك يا ابو اصاله كلما مررت علي اسمك وجت مواضيعك لها قراءه خاصه
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة السبت مارس 19, 2011 5:36 pm | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
شكرا لمرورك اخى ابو محمد
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة السبت مارس 19, 2011 6:41 pm | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] انك ميت وانهم ميتون
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة الإثنين أبريل 04, 2011 6:19 pm | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
شكرا لمروركم
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة الأربعاء أبريل 06, 2011 7:53 pm | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
جميل يابو اصاله
|
|
| |
| تاريخ كتابة المُساهمة الأربعاء أبريل 13, 2011 10:17 am | |
| رد: عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ
شرفنى مرورك الكريم[/b]
|
|
| |
|