| تاريخ كتابة المُساهمة السبت أكتوبر 29, 2011 7:33 pm | |
| المقصود بالتكايا
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
التكية في اللغة « تَكِيَّةٌ : 1. رباط الصوفية . 2. مكان يُعَد لإيواء فقراء المسافرين . ( المعجم العربي الأساسي – ص 201 ) . في الاصطلاح الصوفي الدكتور علي شلق : يقول : « التكية : هي بمثابة معتزل للعبادة ، والتأمل ، ورياضة النفس . ( د . يوسف فرحات – المساجد التاريخية الكبرى – ص 138 ( بتصرف ) ) . الدكتور يوسف فرحات : التكية : هي بناء خاص بالصوفية ، ينـزلونها من أجل التعبد ، وممارسة الطقوس الصوفية والرياضات الروحية برئاسة شيخ يرعى شؤون الدراويش ( د . يوسف فرحات – المساجد التاريخية الكبرى – ص 138 ( بتصرف ) . في اصطلاح الكسنـزان تمثل ( بيوت الذكر ) أو( التكايا ) في عقيدة الكسنـزان الصوفية أحد أهم أركان الطريقة وذلك لما لها من فوائد وثمار ظاهرية وروحية لا يمكن حصرها في حياة المسلم السالك لنهج الطريقة ، ولهذا فقد دأب مشايخ الطريقة ( قدس الله أسرارهم العزيزة ) على بناء التكايا والاعتناء بها في كل مكان وزمان ما أمكنهم ذلك لكونها جزءاً من الميراث الصوفي المحمدي الذي تناقلوه من شيخ إلى شيخ . إن من أهم ما تمثله ( التكايا ) لطريقتنا العلية القادرية الكسنـزانية ، وما تعنيه لها في منهجها الروحي الأمور الآتية : • التكية : امتداد حقيقي ، وأنموذج حي لِصُفَّةِ أصحاب رسول الله . • التكية : هي بيت الذكر ، وهي من المراكز الروحية أينما كانت ، وهي الموقع الأساسي لانطلاق الطريقة وتوجيهاتها نحو الخير العام ونشر العمل الصالح بين المسلمين في كل مكان . • التكية : هي مكان الذكر ، فهي مكان جلوس رحمة الله لقوله تعالى : ( أنا جليس من ذكرني ) ( كشف الخفاء 1 / 201 – 202 ) • التكية : هي مكان الكلام الإلهي ، أي : التكلم مع الله بالذكر . وليست مكاناً للكلام الدنيوي أو السياسي . • التكية : هي مكان الوحدة والتوحيد . • التكية : هي مدرسة روحية : لتعليم المريدين التقرب إلى الله ، وإلى تهيئة أرواحهم للوصول إلى مراتب الولاية عند الله تعالى ، وإلى الوصول إلى مرتبة الخلود . • التكية : هي المدرسة الإصلاحية الروحية التي يُلَقّنُ فيها درسا ( الإيمان والاستقامة ) تلقيناً عملياً . • التكية : هي مدرسة تربوية أخلاقية : لتزكية النفوس ، وتطهير القلوب من أدرانه . • التكية : هي مدرسة دينية : لتعليم الناس أمور دينهم فقهاً وتصوفاً . • التكية : هي مدرسة إرشادية : لتعليم المريدين أصول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد أواللسان أوالقلب حسب الإمكان . • التكية : هي البيت الحقيقي للمريد ، لأنها تربطه بالآخرة وتدفعه إلى الاستعداد لها . • التكية : هي الجنة ، أي المكان الذي تتجلى فيه الجنة برياضها وجمالها ونعيمها . • التكية : هي أول بيت للمريد و آخر بيت له . [ إيضاح ] : بمعنى أنها أول بيت أو مكان يقصده المريد حين يريد الرجوع إلى الله تعالى ، وآخر بيت يصل فيه ومن خلاله المريد إلى مبتغاه فلا يحتاج معها إلى بيت آخر . • التكية : هي مكان الجود والكرم والسخاء النبوي [ إيضاح ] : وذلك لأنها موضع حلقات الذكر ، وحلق الذكر كما قال رياض الجنة . وهي بذلك أماكن لاستجابة الدعاء لقوله تعالى عن الجنة وأهلها : ( لَكُمْ فيها ما تَشْتَهي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فيها ما تَدَّعونَ ) ( فصلت : 31 ) • التكية : هي مكان تجلي الأمان الروحي الإلهي ، ولهذا وجب على المريدين الحضور باستمرار إليها لكي تنجلي قلوبهم بذكر الله ، بنور الله . • التكية : هي مكان التجلي الإلهي . [ إضافة ] : ورد أن الله تعالى يتجلى في عدة أماكن وهي : الكعبة المشرفة ، والمدينة المنورة ، والقدس الشريف ، ومقامات ومشاهد الأولياء والصالحين ، والمساجد ، وبيوت الذكر ( التكايا ) ، وقلب العبد المؤمن . • التكية : هي القلب . [ إيضاح ] : التكية هي بيت الذكر ، فإذا صار القلب فارغاً من كل شيء إلا من ذكر الله تعالى كان هو بمثابة تكية تتجلى فيه الأنوار الإلهية والحقائق المحمدية . إضافات وإيضاحات [ مسألة - 1 ] : في قدسية التكية من كل ما تقدم يتبين أهمية التكية من الناحية الروحية ، وهو ما يؤهلها إلى أن تكون مكاناً مقدساً ، كيف لا وهي بيت الذكر الذي تتنـزل فيه التجليات الإلهية ، وهي محل حضور الرسول محمد من الناحية الروحية ، ومحل نزول أرواح جميع الأولياء والصالحين من الأنس والجن ، تحف بهم ملائكة الرحمة والرضوان . فالتكية للمريد كالوادي المقدس لموسى عليه السلام . ولهذا فإن تقديسها والمحافظة عليها والاعتناء بنظافتها وتطهيرها للذاكرين والعاكفين والركع السجود أمر في غاية الأهمية لروح المريد الذي يطلب التقرب إلى الله تعالى لقوله سبحانه : ( ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) ( الحج : 32 ) [ مسألة – 2 ] : في أفضلية التكية على المسجد إن المسجد هو مكان للصلاة والسجود بشكل أساسي ، وأما التكية فهي فضلاً عن كونها مكاناً للصلاة والسجود ، فإنها مكان لإقامة حلقات الأذكار ، ومأوى للغريب والمحتاج من إطعام ونوم ، وراحة ، وتنفيس عن المكروب . فهي أوسع من المسجد وأفضل من حيث الوظائف أو الشعائر الإيمانية التي تقام فيها . [ بحث كسنـزاني ] : التكايا في الإسلام إن مسألة ( التكايا في الإسلام ) وعلاقتها بالطرائق الصوفية من الأمور التي قد يثار الحوار حولها ، وقد يتساءل البعض : ما المقصود بكلمة ( التكية ) ؟ ومتى وجدت ؟ هل لها سند شرعي في الإسلام ؟ ما علاقتها بالطرائق الصوفية ؟ ولِمَ اشتهرت بين أوساطها ؟ .. الخ . وللإجابة عن هذه الأسئلة وما يتعلق بها نقدم هذا البحث الموجز حول الموضوع . أولاً : أصول مصطلح التكية 1. الأصل اللغوي والتأريخي لكلمة ( التكية ) إذا ما أمعنا النظر في هذا المصطلح ( التكية ) نجد أنه مصطلح ليس بقديم ، بل أن عمره لا يتجاوز القرنين ، وهو مصطلح اقترن بالسادة الصوفية دالاً على محل تواجدهم ومرابطتهم وانزوائهم . ومعلوم أن التصوف الإسلامي قد ازدهر بعد سقوط الدولة العثمانية وَلمَع وترعرع في مناطق كردستان العراق وإيران لأسباب اجتماعية وأسباب جغرافية . أما الأسباب الاجتماعية التي هيأت للسادة الصوفية عوامل السمو الروحي ، فقد تمثلت في أن مجتمع الكرد في ذلك الوقت لم تطف على سطح أفكارهم مسائل الجدل والفلسفات الفارغة والسفسطة العقيمة ، بل امتازوا بفطرتهم الإسلامية السليمة ، الذي يعلل هذا بعدهم عن معترك الصراع الفكري الفلسفي الذي ابتليت به الأمة الإسلامية آنذاك والذي ابتدأ بنشوء الدولة العباسية إلى يومنا هذا . وأما الأسباب الجغرافية فأظهرها الطبيعة الجبلية لمناطق الكرد التي أثرت تأثيراً رئيسياً ومهماً في مساعدة السادة الصوفية على العزلة والفرار عن الخلق ، وإفراد التعامل مع الحق جل جلاله . ومن أجل هذا كان من الطبيعي أن تتأثر بعض المصطلحات الصوفية بواقع حال الكرد ، إذ كان التأثير متبادلاً ، وذلك إن التصوف كان قد أثر في نفوس الكرد وصقل أرواحهم ، وهم في مقابل هذا قد أثروا عليه بإدخال بعض المصطلحات الكردية في الأدب الصوفي ، وكان من أبرز الكلمات الكردية التي أضيفت إلى المصطلحات الصوفية كلمة ( التكية ) . والأصل اللغوي الكردي لهذه الكلمة يرجع إلى مقطعين مركبين وهما : ( تاك كاه ) ، والمقطع الأول وهو ( تاك ) يعني باللغة الكردية ( الواحد أوالفرد ) ، والمقطع الثاني ( كاه ) يعني ( المكان أوالمحل ) وعليه يكون المعنى عند جمع هذين المقطعين ( مكان التوحيد ) . إشكال وإيضاح : هل هناك علاقة لغوية بين ( التكية ) والفعل ( اتكأ ) من حيث الاشتقاق ؟ نود أن نشير إلى الخطأ الشائع الذي لازم كل من تعامل مع مصطلح ( التكية ) فالأغلب الذين ذهبوا إلى أن هذه المصطلح مأخوذ من الفعل ( اتكأ – يتكئ – اتكاءً ) وقالوا : محل الموضع منه ( تكية ) ! إن القول في أن اسم المكان أوالمحل من الفعل ( اتكأ ) هو ( تكية ) غلط لغوي كبير ، إذ أن المحل أوالموضع من الفعل ( اتكأ ) هو ( المُتَكأ ) وهو موضع ( الاتكاء ) ، قال تعالى : ( وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ) (يوسف : 31 ) ، وبهذا يتبين أن لا علاقة ( للمتكأ ) من حيث الاشتقاق اللغوي بمصطلح ( التكية ) . إن محاولة ربط كلمة ( التكية ) بالاشتقاق من ( المتكأ ) لهو تجاهل وتدليس له جذور عميقة من المتحاملين على التصوف وأهله بغية نعت الصوفية بما لا يليق ، فعند حملهم معنى ( التكية ) على ( الاتكاء ) فإنهم يرومون بهذا التكييف اللغوي أن يقولوا : أن المتصوفين هم أهل الكسل والسبات والتواكل ، لأن المتكأ مكان الراحة الجسدية . والحقيقة خلاف هذا القول تماماً ، إذ أن التكية مكان المشقة الجسدية ، مكان مخالفة كل ما تتوق إليه النفس البشرية ، مكان المجاهدات والرياضات والعبادات المتواصلة آناء الليل وأطراف النهار ، مكان مراقبة النفس في كل المواطن لا مكان الغفلة والسبات وتضييع الأوقات كما يزعمون . وإذا كان ذلك كذلك ، أي إذا تبين إن المراد بكلمة التكية هو ( مكان التوحيد ) ننتقل لنطلع على الأصول القرآنية والنبوية لهذه الكلمة. 2. الإشارة القرآنية لمصطلح ( التكية ) لما كان أصل التوحيد هو ذكر كلمة ( لا اله إلا الله ) ، ولما كانت ( التكايا ) هي الأماكن المخصصة لهذه لطاعة أي ذكر الله آناء الليل وأطراف النهار فضلاً عن أداء الصلوات المفروضة والمسنونة كما تبين ،كانت هي بحق بيوت الذكر المشار إليها بالقرآن الكريم في قوله تعالى : ( في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيها اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالْغُدُوِّ والْآصالِ . رِجالٌ لا تُلْهيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فيهِ الْقُلوبُ والْأَبْصارُ ) ( النور : 36 – 37 ) . وعلى هذا فإن ( التكايا ) وبتعريف القرآن الكريم لها هي : بيوت للذكر ، أقيمت بإذن المولى جل وعلا لكي تمارس فيها كل الشعائر والطقوس الإسلامية التي من شأنها الارتقاء بالمسلم إلى أعلى مراتب الكمال الإيماني الذي يؤهله بالنتيجة للتقرب من الله تعالى . 3. الإشارة النبوية لمصطلح ( التكية ) الحقيقة أن لمصطلح ( التكية ) في السنة النبوية المطهرة أصولاً كثيرة يمكن إرجاعها إليها واستنباطها منها اخترنا منها قوله : ( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ) ، قالوا : وما رياض الجنة ؟ قال : ( حلق الذكر ) ( سنن الترمذي ج: 5 ص: 532 ) . ومعلوم أن المشهور بحلق الذكر في الإسلام هي بيوت الذكر وهي التكايا ، فهي رياض الجنة في الأرض . وإشارة أخرى قوله حاكياً عن ربه : ( لا إله إلا الله حصني فمن دخله أمن عذابي ) ( لم أجدها بهذه الصيغة في كتب الحديث ووردت بصيغة أخرى في مسند الشهاب ج: 2 ص: 323 ، راجع فهرس الأحاديث ) فلما كان التوحيد الخالص يمثل حصن الله الحصين لقوله ، ولما كانت التكايا هي أماكن إقامة هذا التوحيد ، كان هذا أصلاً آخر لمشروعية التكية في الإسلام . فإن العبد السالك الذي يريد وجه الله تبارك وتعالى إذا ما اعتكف ولازم رحاب التكية بقلب وجل وهمة عالية لا تثنيها الخطوب العاتية ، سيكون في حصن الله وفي حضن رحمة الله الواسعة وفي عين رعاية الله التي لا تنام . التكية وعلاقتها بأهل البيت ( عليهم السلام ) حين نزل قوله تعالى : ( في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيها اسْمُهُ ) ( النور : 36 ) سئل رسول الله : أي البيوت هذه ؟ فقال : ( بيتي وبيت فاطمة وعلي ) ( انظر فهرس الأحاديث ) ولما كان الإذن برفع الذكر في هذه البيوت خالداً بدلالة خلود الآية الكريمة ، فإن ذلك يعني أن بيوت آل النبي ستبقى خالدة إلى يوم القيامة يرفع فيها ذكر الله تعالى ، تحف فيها وحولها أفئدة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، كما تحف الملائكة حول العرش مسبحين بحمد ربهم لا يفترون . ولهذا فإننا نقول في أن التكايا الموصوفة ببيوت الله تعالى يشترط فيها شرطان : الأول : ان القائمين عليها في كل زمان هم آل بيت النبي ، لكونهم أهل الذكر ، وخاصته ، وفيهم نزلت آياتها . الثاني : أنها تفتح بإذن الله تعالى لذكره سبحانه بما تشتمل عليه كلمة الذكر من معان : الصلاة والتسبيح والتفكر والتذكر والعلم والعمل الصالح . وعلى هذا فلا يمكن أبداً الفصل بين الذكر وأهل الذكر ( آل البيت - عليهم السلام- ) وبيت الذكر ( التكية ) إلى يوم القيامة . ثانياً : مصطلح التكية والمراحل التاريخية لظهور المصطلحات المرادفة له تعلق بهذه العبارة ( بيوت الذكر ) عدة ألفاظ دالة على معناها شكلاً ومضموناً عبر التأريخ الإسلامي ، كالزاوية ، والرباط ، والخانقاه وآخرها ( التكية ) ، بل أنها قبل نزول ذكرها في القرآن الكريم قد تعلق بها مصطلح ( صفة المسجد ) ، وفيما يأتي نستعرض تلك الألفاظ وأهم ما تشير إليه . صفّة المسجد لقد كان الاسم الأول لبيوت الذكر قبل نزول الآية الكريمة هو الصفة وسمّوا أهلها بأهل الصفة نسبة إلى زاوية كانت مبنية في المسجد من جذوع النخيل وسعفه ، أشبه بكوخ أو بيت صيفي ، فسميت صفّة المسجد نسبة لذلك ، وكان يقيم في هذه الصفة جماعة من الصحابة المؤمنين الصادقين الذين زهدوا في الدنيا والتزموا العبادة في هذا البيت ، فنـزل فيهم قوله تعالى : ( واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدْعونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ والْعَشِيِّ يُريدونَ وَجْهَهُ ) ( الكهف : 28 ) فكانت صفة المسجد أول بيت يراد به وجه الله تعالى ومنها ظهر في الإسلام بيوت المريدين ، ولقد كانوا يسمون أيضاً بأهل الزاوية نسبة إلى أن الصفة كانت في زاوية المسجد . الرباط أطلق لفظ ( الرباط ) بادئ الأمر على نوع من الثكنات العسكرية التي تبنى على الحدود الإسلامية ، والمرابطون فيها رابطوا ليدافعوا عن الإسلام بسيوفهم . وكانت الرباطات منتشرة في العصر الأموي والعباسي تبنى لتفصل بين ديار الإسلام وديار الحرب . إلا أن الرباطات تغيرت وظيفتها الحربية نتيجة للتحولات الاجتماعية وما أفرزته حالة الاستقرار والانقطاع عن الغزو والحروب منذ أواسط القرن الرابع الهجري ، فكان المرابطون فيها ينصرفون إلى قراءة القرآن وعلوم الدين ، ثم أصبحت بيوتاً للصوفية ، ومنازل يسكنها عدد غير يسير للتعبد والدرس ومجاهدة النفس وتوقي ما يفسد الأعمال ، وتوخي ما يصحح الأحوال ويعود بالبركة على البلاد والعباد ، وقطع المعاملة مع الخلق ، واعتماد المعاملة مع الحق . والرباط في مفهوم أواصطلاحات طريقتنا الكسنـزانية : هو مكان ربط روح المريد بروح أستاذه وشيخه العارف بالله تعالى ، ومنه يرتبط عبر سلسلة مشايخ الطريقة (قدس الله أسرارهم العزيزة) وصولاً إلى النور الأعظم سيد الكائنات محمد كي يسير المريد على وفق المنهج الروحي للطريق الذي سار به قاطعاً عقباته ، وليتدرج في سلم قناطر الطريقة . الزاوية الزاوية : هي كالرباط والخانقاه إلا إنها أصغر في الغالب ، وأكثر ما تكون في الصحارى ، والأمكنة الخالية من السكان ، وربما أطلقت على مكان معين في مسجد من المساجد الكبرى التي تقام فيها حلقات العلم . وللزاوية في المغرب الإسلامي مدلول أوسع مما تعنيه في المشرق الإسلامي بوصفها بيوتاً يؤدي فيها الزهاد والعباد عباداتهم وأذكارهم . والزاوية في اصطلاحاتنا : هي مكان تجلي النظر الإلهي بعين الرحمة على سكانها المريدين السالكين طريق الحق عز وجل . ومن خلالها ترتبط أرواح أهلها بأرواح الملأ الأعلى لأنهم متفقون على قصد واحد وعزم واحد ، وأحوال متناسبة . وهي تعني أيضاً : المرآة الروحية التي تتجلى عليها الدنيا وما حوت والآخرة وما حوت . الخانقاه الخانقاه : كلمة فارسية الأصل من الخان وهو البيت ، وقيل في معناها : ( بيت الدرويش والصوفية والفقراء ) . والخوانق شبيهه بالربط ولكن هذه شاعت في بلاد الفرس والشام ومصر في القرن الرابع الهجري ، وخصت بأهل التصوف ، ينصرفون فيها للعبادة ، وكانت تبنى في الغالب في المدن والحواضر على نمط المساجد إلا أن فيها غرفاً للفقراء والصوفية وبيتاً للقيام بأذكارهم وأورادهم . الخلاصة نخلص من هذا البحث إلى النتائج الآتية : • ( التكية ) كلمة كردية ترجع في اصلها إلى مقطعين هما ( تاك كاه ) ويعنيان معاً ( مكان التوحيد ) أي مكان الذكر . • ليس هناك أية علاقة بين لفظة ( التكية ) الكردية وبين الفعل ( اتكأ ) في اللغة العربية من حيث الاشتقاق . • للتكية من حيث المعنى - وليس اللفظ – أصول صريحة في الكتاب الكريم والسنة المطهرة . • التكية باقية خالدة ما بقي آل بيت النبي الأطهار ( عليهم السلام ) ، وهم باقون ما بقي الذكر الحكيم حتى يردا على الحوض . • للتكية مرادفات من حيث المعنى عرفت في بقاع مختلفة من العالم الإسلامي . • لا يمكن حصر الفوائد والمعان الظاهرية والروحية للتكية في فكر الطريقة العلية القادرية الكسنـزانية . وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما / المصادر / موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه اهل التصوف والعرفان
|
|
| |
| |
| |