الخوف على أمر مستقبل تخاف من أمر يأتيك ،
والحزن على أمر فات ، فلا خوف عليهم ،ولا هم يحزنون ،وهذا كقوله سبحانه وتعالى {فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً } [طه : 123،124]
قال ابن عباس : كتب الله ، عز وجل ، على نفسه
أن من اتبع هذا القران ، فاحل حلاله وحرم حرامه ، أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في
الآخرة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً}[طه : 124]
معه
دراهم ودنانير ودور وقصور وسيارات ، لكن عليه الضنك ، وعليه اللعنة ,وعليه الغضب {وَنَحْشُرُهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ
كُنْتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آياتنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسَى (126)}[طه ]
{قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا
يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى} ، وقد أتى والله .
والله لقد أسمعت دعوة الرسول صلى الله عليه
وسلم راعي الغنم في الصحراء .
والله ، لقد سمعت بدعوته العجائز في بيوتهن ،
وفي خدورهن.
والله ، لقد نفذ إلى العاتق من النساء ، إلى
البكر من النساء ، إلى العذراء من النساء .
من دعوته ما وصل علماء الصحابة في مدينة الرسول
صلى الله عليه وسلم .
والله ، لقد سارت دعوته مسير الشمس ، ومسير
الليل والنهار ، فما هو عذرنا إذا قلنا ما آتانا ، ما بين لنا ، ما وضحت الطريق
،ولا والله قد وضحت كل الوضوح ،وقد بينت كل البيان {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً
وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس : 70] فمن هو
الحي ؟؟ أهو الذي يأكل ويشرب ويزمر ويغني لياليه وأيامه ؟ هذا صحيح يسمى حيا مجازا
، حياة الشاة لأنه يأكل ويشرب ، لكن قلبه ليس بحي {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً
فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ
فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}[الأنعام : 122] لا سواء ،
فالحياة هنا هي حياة الإيمان ، حياة القران ، حياة الذكر ، حياة الاتصال بالله ،
حياة حفظ الوقت ، حياة طلب العلم ، حضور مجالس الخير ، واستماع إلى كلام الخير ،
هذه هي الحياة أما غيرها فهي حياة (الخواجات ) .
والله ، كيف ينعم الإنسان كيف يهدأ باله وهو
ليس مستقيما ؟ والله ليس راض عنه ، تجد عنده قصور ،عنده دور ، عنده مناصب ، لكن
الله غضبان عليه من فوق سبع سماوات ، كيف يهدأ ؟ كيف يرتاح ؟ وبعد أيام يرتحل إلى
الله {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ
شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ
بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ }[الأنعام : 94] أتى صلى
الله عليه وسلم يخرج الناس من الظلمات إلى
النور ، فمن أطاعه اهتدى ، ومن عصاه تردى .