الحمد لله وحده ، والصّلاة والسّلام على من لا
نبيَّ بعده ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ، وبعد
:
فإن الصيام - ومنه صيام رمضان - حسّاس متأثر
بأعمال الصائم وأقواله ، فعليك - أيها المسلم - أن تعتني بصومك عنايةً فائقةً جداً
؛ ليكون صومك مقبولاًً عند الله عز وجل ، مُحققاًً ثمرة تقوى الله بما يلي :
1- احفظ صومك حفظاً تاماً من الكلام الزور (
الكذب وغيره ) ( كل كلام باطل محرم) ، ولا تتكلم بكلمة حتى تعيها وتتفهّمها وتتبيّن
فيها ، فإن كانت كلمةً صالحةً سديدةً فتكلم بها ، وإن كانت كلمةً محرّمةً فدعها ، وتذكّر
أنّك إن تكلمت بها فقد تذهب بثواب صومك ، وتصبح ليس لك من صومك إلا الجوع والعطش ،
وقد قال ع : ( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ
إِلَّا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ[/b]
) رواه احمد وابن ماجه (صحيح) . وعند الطبرانيّ في الكبير : ( رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ
الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ[/b])
صحيح .[/b]
2- احفظ صومك من العمل بالزّور ( الأعمال
المحرمة ) ، وحاسب نفسك على أعمال جوارحك ( رجليك – يديك – مطعمك – مشربك – ملبسك –
دوائك – عملك – كل الأمانات – حقوق الله – حقوق العباد - حقوق النفس الواجبة )،
وقم بكل ما أوجب الله عليك ، ودع كل ما حرّمه الله عليك ، واعلم أنّك إن لم تترك
قول الزور والعمل به ، فليس لك من صيامك إلاّ الجوع والعطش ، وقد قال ع
: ( مَنْ
لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ
طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ [/b]) رواه البخاري . [/b]
3- تجنّب اللغو في القول ، والفاحش من الكلام
في صومك ، وتجنّب كل ما يكون طريقاً لإثارة الشهوة التي توقع الصائم في الإفطار من
الصوم الواجب ، أو تُضعف ثوابه ، وهو ما يسمَّى ( الرفث ) ، واعلم أن الصّوم ليس تركاً للطّعام
والشّراب فقط ، ولكنه عن المحرمات كلها ، وعمّا يوقع فيها ويكون سبباً لها ، وقد
قال ع : ( ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام
من اللغو والرفث[/b]...الحديث ) رواه الحاكم وقال : هذا حديث
صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (صحيح).
4-ابتعد عن الجهل وأنت صائم ، لا تجهل على احدٍ
من الناس ، أو الحيوانات ، حتى أنّك لا تجهل على أولادك ، أو زوجتك ، أو موظفيك أو
غيرهم ؛ وذلك لتحافظ على صيامك ، ولا ترفث مع زوجتك بما قد يؤدي إلى الإمذاء أو
غيره ؛ لأنه يُضعف ثواب صومك ، وقد يكون الجهل أو الرفث يذهبُ بثواب صومك فاحذر ! وقد
قال ع : ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا
يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ[/b] ) رواه البخاري.
5- إذا كنت صائماً فحافظ على ثواب صيامك ، اترك
الصخب ! اترك الخصام والصياح ! وكن هادئاً مرتاح البال ، وإذا كان عندك خصومة لتصيح
فيها وهي بحق ، فأخِّرها حتى ينتهي الصيام ، وقد قال ع
: ( وَإِذَا
كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ[/b]
) رواه البخاري .
6-كن شديد المحافظة على صومك ( على صحته وعلى
كمال ثوابه ) وعليه حتى لو سبّك أحدٌ أو قاتلك أو شاتمك فلا تردّ عليه إلّا بكلمة
: ( إني صائم ، إني صائم ) ، وقد قال ع
: ( وَإِنْ
امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ
...الحديث [/b]) رواه
الشيخان . وفي لفظ عند البخاري : ( فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ
صَائِمٌ ) .[/b]
انتبه
لصيامك ! وصُنْه عما يذهب به ، أو يُضعف ثوابه ، أو يؤثر فيه ، وكن عاقلاً ، هادئاً
، رزيناًً ، مُتسامحاًً في ما هو لك ، بعيداً عن كل لفظةٍ أو حركةٍ مُحرّمةٍ أو
فيها شبهة. والله الموفّق[/b].