الحمد لله وحده ، والصّلاة والسّلام على من لا
نبيَّ بعده ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه ، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ،
وبعد:
أيها المسلم ، إنّ صيام شهر رمضان أحد أركان
الإسلام الخمسة ، فاهتمَّ بهذا الركن الأساس ؛ لتتحقَّق لك مغفرة ذنوبك المتقدمة ،
وهذا الاهتمام كما يلي :
1-
يجب عليك أن يكون صومك إيماناً منك أنّ الله فرض عليك صيام شهر رمضان ، وقد قال
تعالى : ﴿ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾[ البقرة : 185 ]. وقال ع
: ( أَتَاكُمْ
شَهْرُ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ[/b]...الحديث
) رواه احمد والنسائي (صحيح) .
2- واعلم يقيناً أنّ صيام شهر رمضان من
الأسس الخمس التي بُنِيَ عليها الإسلام ، فكن مؤمناً بذلك ، عالماًً بأهمية صيام ،
وبمكانته في هذا الدين ( الإسلام ) ، وقد قال ع
في حديث ابن عمر س : (
بُنِيَ الْإِسْلَامُ
عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ
رَمَضَانَ )[/b] رواه الشيخان .
3- وتيقّنْ أيها المسلم أنّ في صومك شهر رمضان
مصلحة لك ؛ لأنّ الذي فرضه هو الله ، الذي يعلم ما يصلحُ لخلقه ، كما قال تعالى : ﴿
أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ
خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير ﴾[ الملك : 14 ].
4-
وإذا صمت فاحتسب ثوابك عند الله ، ولا تبحث عن شيءٍ آخر غير ثواب صومك عند ربك ، فلا
تكن ممن يصوم ونيَِّته بصومه الحِميَة من الأمراض ، أو يطلب بصومه التَّداوي من
مرضٍ قد أصابه ، أو يُريد بصومه تخفيف وزنه ، أو يريد بصومه تخفيف شهوته فقط ، ولا
يُريد ثواباًً عند الله ، وقد قال تعالى : ﴿
مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة
الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ
* أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا
وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[ هود : 15-16 ].
فجرِّد نيّتك بصومك أنّك لا تريد إلا وجه الله والدار الآخرة ، وأنّك مُمتثلٌ
لأمرِ الله وأمر رسوله ع
" سمعنا وأطعنا " .
5- وإذا احتسبت ثواب صومك عند ربك الذي لا يجزي
على الصوم إلا هو سبحانه ، فتطلَّب بصومك أعلى درجات الكمال في العناية بصومك ، في النيَّة والاحتساب ، والبُعد عن كلِّ ما يُؤثرُ
في صومك ، في بطلانه أو في ثوابه ، وفي كماله ، واجعل نصب عينيك قوله ع
: ( كُلُّ
عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ[/b]
) رواه الشيخان .
6-
إذا صمت أيها المسلم ، فليكن على بالك وفي ذهنك وقلبك إرادة وجه الله ( فقط) ،
مُتأمّلاً قوله تعالى في الحديث : ( إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا
أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي
)[/b] ، وأنّك إذا حقَّقت صيام شهر رمضان إيماناً
واحتساباًً تحقّقَ لك غفران ذنوبك المتقدمة بفضل الله ورحمته ( صغائر الذنوب) ، وقد
قال ع في حديث أبي هريرة س
: ( مَنْ
صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
[/b]) رواه الشيخان . ولكن عليك أن تجتنب كبائر
الذنوب ، وقد قال ع : ( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ
إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا
اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ[/b] ) رواه مسلم وغيره. والله الموفق[/b].